ـ الزنا يجمع خلال الشر كلها من: قلة الدين، وذهاب الورع، وفساد المروءة، وقلة الغيرة، ووأد الفضيلة.
2ـ يقتل الحياء ويلبس وجه صاحبه رقعة من الصفاقة والوقاحة.
3ـ سواد الوجه وظلمته، وما يعلوه من الكآبة والمقت الذي يبدو للناظرين.
4ـ ظلمة القلب، وطمس نوره.
5ـ الفقر اللازم لمرتكبيه، وفي الأثر يقول الله تعالى: { أنا مهلك الطغاه، ومفقر الزناه
6ـ أنه يذهب حرمة فاعله، ويسقطه من عين ربه وأعين عباده، ويسلب صاحبه اسم البر، والعفيف، والعدل، ويعطيه اسم الفاجر، والفاسق، والزاني، والخائن.
7ـ الوحشة التي يضعها الله في قلب الزاني، وهي نظير الوحشة التي تعلو وجهه؛ فالعفيف على وجهه حلاوة، وفي قلبه أنس، ومن جالسه استأنس به، والزاني بالعكس من ذلك تماماً.
8ـ أن الناس ينظرون إلى الزاني بعين الريبة والخيانة، ولا يأمنه أحد على حرمته وأولاده.
9ـ ومن أضراره الرائحة التي تفوح من الزاني، يشمها كل ذي قلب سليم، تفوح من فيه، ومن جسده.
10ـ ضيقة الصدر وحرجه؛ فإن الزناة يعاملون بضد قصودهم؛ فإن من طلب لذة العيش وطيبه بمعصية الله عاقبه الله بنقيض قصده؛ فإن ما عند الله لا ينال إلا بطاعته، ولم يجعل الله معصيته سبباً إلى خير قط.
ولو علم الفاجر ما في العفاف من اللذة والسرور، وانشراح الصدر، وطيب العيش؛ لرأى أن الذي فاته من اللذة أضعاف أضعاف ما حصل.
11ـ الزاني يعرض نفسه لفوات الاستمتاع بالحور العين في المساكن الطيبة في جنات عدن.
12ـ الزنا يجرئ على قطيعة الرحم وعقوق الوالدين، وكسب الحرام، وظلم الخلق، وإضاعة الأهل والعيال وربما قاد إلى سفك الدم الحرام، وربما استعان عليه بالسحر والشرك وهو يدري أو لا يدري؛ فهذه المعصية لا تتم إلا بأنواع من المعاصي قبلها ومعها، ويتولد عنها أنواع أخرى من المعاصي بعدها؛ فهي محفوفة بجند من المعاصي قبلها وجند من المعاصي بعدها، وهي أجلب شيء لشر الدنيا والآخرة، وأمنع شيء لخير الدنيا والآخرة.
13ـ الزنا يذهب بكرامة الفتاة ويكسوها عاراً لا يقف عندها، بل يتعداها إلى أسرتها؛ حيث تدخل العار على أهلها، وزوجها، وأقاربها، وتنكس به رؤوسهم بين الخلائق.
14ـ أن العار الذي يلحق من قذف بالزنا أعلق من العار الذي ينجر إلى من رمي بالكفر وأبقى؛ إلا إن التوبة من الكفر على صدق القاذف تذهب رجسه شرعاً، وتغسل عاره عادة، ولا تبقي له في قلوب الناس حطة تنزل به عن رتبة أمثاله ممن ولدوا في الإسلام، بخلاف الزنا؛ فإن التوبة من ارتكاب فاحشته ـ وإن طهرت صاحبها تطهيراً، ورفعت عنه المؤاخذة بها في الآخرة ـ يبقى لها أثر في النفوس، ينقص بقدره عن منزلة أمثاله ممن ثبت لهم العفاف من أول نشأتهم.
وانظر إلى المرأة ينسب إليها الزنا كيف يتجنب الأزواج نكاحها وإن ظهرت توبتها؛ مراعاة للوصمة التي أُلصقت بعرضها سالفاً، ويرغبون أن ينكحوا المشركة إذا أسلمت رغبتهم في نكاح الناشئة في الإسلام.
15ـ إذا حملت المرأة من الزنا، فقتلت ولدها جمعت بين الزنا والقتل، وإذا حملته على الزوج أدخلت على أهلها وأهله أجنبياً ليس منهم، فورثهم ورآهم وخلا بهم، وانتسب إليهم وهو ليس منهم إلى غير ذلك من مفاسد زناها.
16ـ أن الزنا جناية على الولد؛ فإن الزاني يبذر نطفته على وجه يجعل النسمة المخلقة منها مقطوعة عن النسب إلى الآباء، والنسب معدود من الروابط الداعية إلى التعاون والتعاضد؛ فكان الزنا سبباً لوجود الولد عارياً من العواطف التي تربطه بأدنى قربى يأخذون بساعده إذا زلت به فعله، ويتقوى به اعتصابهم عند الحاجة إليه.
كذلك فيه جناية عليه، وتعريض به؛ لأنه يعيش وضيعاً في الأمة، مدحوراً من كل جانب؛ فإن الناس يستخفون بولد الزنا، وتنكره طبائعهم، ولا يرون له من الهيئة الاجتماعية اعتباراً؛ فما ذنب هذا المسكين؟ وأي قلب يحتمل أن يتسبب في هذا المصير؟!
17ـ زنا الرجل فيه إفساد المرأة المصونة وتعريضها للفساد والتلف.
18ـ الزنا يهيج العداوات، ويزكي نار الانتقام بين أهل المرأة وبين الزاني، ذلك أن الغيرة التي طبع عليها الإنسان على محارمه تملأ صدره عند مزاحمته على موطوئته، فيكون ذلك مظنة لوقوع المقاتلات وانتشار المحاربات؛ لما يجلبه هتك الحرمة للزوج وذوي القرابة من العار والفضيحة الكبرى، ولو بلغ الرجل أن امرأته أو إحدى محارمه قتلت كان أسهل عليه من أن يبلغه أنها زنت.
قال سعد بن عبادة ـ ـ "لو رأيت رجلاً مع امرأتي لضربته بالسيف غير مصفح". فبلغ ذلك رسول الله فقال: { أتعجبون من غيرة سعد! والله لأنا أغير منه، والله أغير مني؛ ومن أجل غيرة الله حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن } [أخرجه البخاري ومسلم].
19ـ للزنا أثر على محارم الزاني، فشعور محارمه بتعاطيه هذه الفاحشة يسقط جانباً من مهابتهن ـ كما مر ـ ويسهل عليهن بذل أعراضهن ـ إن لم يكن ثوب عفافهن منسوجاً من تربية دينية صادقة.
بخلاف من ينكر الزنا ويتجنبه، ولا يرضاه لغيره؛ فإن هذه السيرة تكسبه مهابة في قلوب محارمه، وتساعده على أن يكون بيته طاهراً عفيفاً.
20ـ للزنا أضرار جسيمة على الصحة يصعب علاجها والسيطرة عليها، بل ربما أودت بحياة الزاني، كالإيدز، والهربس، والزهري، والسيلان، ونحوها.
21ـ الزنا سبب لدمار الأمة؛ فقد جرت سنة الله في خلقه أنه عند ظهور الزنا يغضب الله ـ عز وجل ـ ويشتد غضبه، فلا بد أن يؤثر غضبه في الأرض عقوبة.
قال ابأضرار الزنا
إن للزنا أضرار كثيرة فمنها:
1 - ضياع النسل والجناية عليه، فالزاني والزانية لو أدركا ما قد يترتب على جريمتهما التي تنقضي على الفور، لو أدركا ما يترتب عليها من الآثام والزور وغضب الله لهان عليهما أن يفنيا من الوجود ولا يرتكبا تلك الجريمة الشنعاء.
2 - يتسبب الزنا في إختلاط الأنساب وإفساد الأخلاق ويفضي إلى فناء الأمة ويدعو إلى الشقاق والفساد ويسبب إنتشار الأمراض المستعصية التي لم تكن موجودة من قبل كما ورد ذلك عن النبي في قوله: { لم تظهر الفاحشة في قوم حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا } [رواه ابن ماجة] وصدق رسول الله فقد إنتشر في هذا الزمن بسبب كثرة الزنا الأمراض الكثيرة الخطيرة، عقوبة من الله تعالى لأهل هذه الفاحشة.
3 - الزنا يعمي القلب ويطمس نوره، ويحقّر النفس ويقمعها ويسقط كرامة الإنسان عند الله وعند خلقه، ويمحق بركة العمر، ويضعف في القلب تعظيم الله وخشيته.
أدلة تحريم الزنا
قال تعالى: وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً [الإسراء:32].
وقال تعالى: وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً [الفرقان:69،68].
وقال : { لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن } [متفق عليه].
وقال : { لا يحل دم إمرىء مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث وذكر منها الثيب الزان } [متفق عليه]. وقال عليه الصلاة والسلام: { ما من ذنب بعد الشرك أعظم عند الله من نطفة وضعها رجل في رحم لا يحل له }.
عقوبة الزنا
عقوبة جماعية: فإنه لا يقتصر ضرر الزنا على الزناة فقط بل يتعدى إلى غيرهم، فينزل غضب الله على قوم كثر فيهم الزنا، ويكثر فيهم الموت أيضاً، فعن ابن عباس أن رسول الله قال: { إذا ظهر الزنا والربا في قوم فقد أحلوا بأنفسهم عذاب الله } [رواه الحاكم وقال صحيح الإسناد]. لذا فيجب على جميع المسلمين محاربة الزنا والإبتعاد عن أسبابه كالتبرج والسفور والاختلاط والغناء والمجلات الماجنة والأفلام والمسلسلات الهابطة الداعية إلى كل فاحشة ورذيلة.
عقوبة فردية: وهي إقامة الحد على الزاني والزانية إذا كانا محصنين وذلك بقتلهما رجماً بالحجارة حتى يموتا لكي يجدا الألم في جميع أجزاء الجسم كما تلذذا بجسديهما قال : { الولد للفراش والعار للحجر }، وإن كانا غير محصنين جلدا مائة جلدة بأعلى أنواع الجلد ردعاً لهما عن المعاودة للاستمتاع بالحرام، إضافة إلى فضحهما بين الناس والتشهير بهم.
وإذا أفلت الزناة من عقوبة الدنيا ولم يتوبوا فلهم في الآخرة عذاب أليم فقد روى البخاري أن رسول الله قال: { أتاني الليلة آتيان وإنهما إبتعثاني وإنهما قالا لي: إنطلق.. فانطلقنا إلى ثقب مثل التنور أعلاه ضيق وأسفله واسع يتوقد تحته نار، فإذا إقترب إرتفعوا حتى كاد أن يخرجوا فإذا خمدت رجعوا فيها، وفيها رجال ونساء عراة فقلت من هؤلاء؟ قالا لي: هؤلاء هم الزناة والزواني }، وجاء في الحديث أيضاً: { أن من زنى بإمرأة كان عليه وعليهما في القبر نصف عذاب هذه الأمة }.. وهذا فقط عذاب القبر أما في الآخرة فإن عذابهم شديداً فهم يعذبون بوادي أثاما وهو وادي من أدوية جهنم الكبرى نعوذ بالله منه.
قال تعالى: وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً [الفرقان:69،68].
فالزاني يشارك المشرك والقاتل نفس العذاب والعياذ بالله ! فهل يليق بعاقل بعد ذلك أن يعرض نفسه لمثل هذا العذاب من أجل شهوة عابرة تذهب لذتها سريعاً ويبقى عذابها طويلاً؟!
فيا من خان الأعراض وتعدى عليها وابتغى الفساد في الأرض إن الغيرة من شيم الرجال ومن أخلاق النبلاء ومن شعب الإيمان ومن مقتضيات إياك نعبد وإياك نستعين فأين الغيرة ممن يتعدى على أعراض الناس،... كم أفسدت بين إمرأة وزوجها وكم جعلت بنتاً حبيسه الجدران في بيتها بعد أن ذبحت عفتها وضيعت شرفها وشرف أهلها وأساءت إلى سمعتها وسمعة أهلها أينك من الغيرة على محارم الله وأنت تنتهكها؟ وأينك من الغيرة على محارمك فالذي يتعدى على محارم الناس لا يغار على محارمه، لأنهن قد يبتلين بمن يتعدى عليهن عُقوبة لك، وكما قيل: ( كما تدين تدان ).ن مسعود رضي الله عنه: ( ما ظهر الربا والزنا في قرية إلا أذن الله بإهلاكها ).
إني أسالك بالله، هل ترضى الزنا لأمك؟ أو أن يتحدث معها أحد ويداعب مشاعرها؟ فإن كنت ترضاه فأنت والعياذ بالله ديوث، وما أضنك ترضاه، وإن كنت لا ترضاه لأمك فإن الناس كذلك لا يرضونه لأمهاتهم، وإن كنت لا ترضاه لأختك أو إبنتك أو عمتك أو خالتك فالناس كذلك لا يرضونه لأخواتهم وبناتهم أو عماتهم أو خالاتهم؛ فهل عرضك حرام على الناس وأعراض الناس حلال لك أما ترحم أمك أو أخواتك أن يُصبن بمثل ما أصبت من محارم الناس، أما ترحم إبنتك أو زوجتك أن يفعل بها مثل ما فعلت أنت ببنات الناس.
يا قاطعاً سبل الرجال وهاتكاً *** سُبل المودة عشت غير مكرم
من يزني في قوم بألفي درهم *** في أهله يزنى بغير الدرهم
إن الزنا دين إذا إستقرضته *** كان الوفاء من أهل بيتك فاعلم
لو كنت حراً من سلالة ماجد *** ما كنت هتاكاً لحرمة مسلم
وأنت أيتها المرأة يا من هتكت عرضك وعرض زوجك وأهلك بالزنا ومرغتيه في الوحل ونزلت به إلى الحضيض، وأفسدت حياتك وحياة أهلك وأسأت إلى سمعتك وسمعتهم من أجل شهوة عابرة أو عرضاً زائلاً من الدنيا، أما تخافين الله كيف طاوعتك نفسك على فعل هذه الفاحشة النكراء! أين ذهب حياءك؟ أين ذهب عقلك؟ هل فكرت بعذاب الله؟ هل فكرت بعاقبة ذلك في الدنيا والآخرة؟ هل فكرت في الفضيحة في الدنيا قبل الآخرة؟ هل فكرت في موقف أهلك وزوجك وأولادك وفضيحتهم بين الناس لو إنكشف أمرك؟ هل فكرت بالعار الذي سيلحق بهم؟ هل فكرت ماذا سيكون لهم بعد ذلك وكيف سيواجهون الناس وقد سودت وجوههم بجريمتك هذه؟ إن موتك أو قتلك أهون عليهم بكثير من وقوعك بمثل هذه الفاحشة فاتقي الله وتوبي إليه وابتعدي عن هذا العمل المخزي قبل أن يفتضح أمرك أو أن تموتي وأنت مصرة على هذه الفاحشة القبيحة.
وأخيراً..
اعلموا يا من إبتليتم بالزنا رجالاً ونساءً أن الله يراكم، فاحذروا أن تجعلوه أهون الناظرين إليكم وأحقر المطلعين عليكم وتجعلون هذه الشهوة الحيوانية وهذه اللذة الفانية تنسيكم عظمة مولاكم وإطلاعه عليكم، إنكم لا تستطيعون أن تفعلوا هذه الفاحشة القبيحة أمام أي إنسان حتى ولو كان طفلاً صغيراً ولكنكم مع الأسف الشديد ترتكبونها أمام العلي الكبير جبار السموات والأرض، فأين تعظيم الله في قلوبكم؟ أين صدق الإيمان؟ أين الاستجابة للرحمن؟ أما استشعرتم عظمة الجبار؟ أما تخافون غضب القهار؟
وهل نسيتم الموت وسكراته والقبر والسراط وزلته والحساب وشدته هل نسيتم النار وما فيها من العذاب إن أمامكم أهوال عظيمة لا يعلم عظمها إلا الله لا طاقة لكم فيها ولن تتحملوها، فلا تجعلوا هذه الشهوة الفانية تنسيكم كل هذه الأهوال التي أمامكم وتنسيكم عظمة ربكم وتنسيكم مصيركم ومآلكم، ووالله إنكم لأضعف من أن تتحملوا شيئاً من عذاب الله فلا تتمادوا في معصيته، ووالله إن شهوات الدنيا كلها لا تساوي ضمة من ضمات القبر فكيف بما بعده من العذاب، ولا خير والله في شهوة بعدها النار والدمار فتوبوا إلى الله قبل أن لا تستطيعوا أن تتوبوا وقبل أن تندموا في وقت لا ينفع فيه الندم.
وفقنا الله وإياكم لما يحب ويرضي وجعلنا جميعاً ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه
أعرف جهنم وخد قرارك :-
الرقاشي عن أنس بن مالك قال: جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم في ساعةٍ ما كان يأتيه فيها متغيّر اللون، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (( مالي أراك متغير اللون )) فقال: يا محمد جئتُكَ في الساعة التي أمر الله بمنافخ النار أن تنفخ فيها، ولا ينبغي لمن يعلم أن جهنم حق، و أن النار حق، وأن عذاب القبر حق، وأن عذاب الله أكبر أنْ تقرّ عينه حتى يأمنها.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((يا جبريل صِف لي جهنم ))
قال: نعم، إن الله تعالى لمّا خلق جهنم أوقد عليها ألف سنة فاحْمَرّت، ثم أوقد عليها ألف سنة فابْيَضّت، ثم أوقد عليها ألف سنة فاسْوَدّت، فهي سوداء مُظلمة لا ينطفئ لهبها ولا جمرها .
والذي بعثك بالحق، لو أن خُرْم إبرة فُتِحَ منها لاحترق أهل الدنيا عن آخرهم من حرّها..
والذي بعثك بالحق، لو أن ثوباً من أثواب أهل النار عَلِقَ بين السماء و الأرض، لمات جميع أهل الأرض من نَتَنِهَا و حرّها عن آخرهم لما يجدون من حرها ..
والذي بعثك بالحق نبياً ، لو أن ذراعاً من السلسلة التي ذكرها الله تعالى في كتابه وُضِع على جبلٍ لَذابَ حتى يبلُغ الأرض السابعة ..
والذي بعثك بالحق نبياً ، لو أنّ رجلاً بالمغرب يُعَذّب لاحترق الذي بالمشرق من شدة عذابها ..
حرّها شديد ، و قعرها بعيد ، و حليها حديد ، و شرابها الحميم و الصديد ، و ثيابها مقطعات النيران ، لها سبعة أبواب، لكل باب منهم جزءٌ مقسومٌ من الرجال والنساء
2ـ يقتل الحياء ويلبس وجه صاحبه رقعة من الصفاقة والوقاحة.
3ـ سواد الوجه وظلمته، وما يعلوه من الكآبة والمقت الذي يبدو للناظرين.
4ـ ظلمة القلب، وطمس نوره.
5ـ الفقر اللازم لمرتكبيه، وفي الأثر يقول الله تعالى: { أنا مهلك الطغاه، ومفقر الزناه
6ـ أنه يذهب حرمة فاعله، ويسقطه من عين ربه وأعين عباده، ويسلب صاحبه اسم البر، والعفيف، والعدل، ويعطيه اسم الفاجر، والفاسق، والزاني، والخائن.
7ـ الوحشة التي يضعها الله في قلب الزاني، وهي نظير الوحشة التي تعلو وجهه؛ فالعفيف على وجهه حلاوة، وفي قلبه أنس، ومن جالسه استأنس به، والزاني بالعكس من ذلك تماماً.
8ـ أن الناس ينظرون إلى الزاني بعين الريبة والخيانة، ولا يأمنه أحد على حرمته وأولاده.
9ـ ومن أضراره الرائحة التي تفوح من الزاني، يشمها كل ذي قلب سليم، تفوح من فيه، ومن جسده.
10ـ ضيقة الصدر وحرجه؛ فإن الزناة يعاملون بضد قصودهم؛ فإن من طلب لذة العيش وطيبه بمعصية الله عاقبه الله بنقيض قصده؛ فإن ما عند الله لا ينال إلا بطاعته، ولم يجعل الله معصيته سبباً إلى خير قط.
ولو علم الفاجر ما في العفاف من اللذة والسرور، وانشراح الصدر، وطيب العيش؛ لرأى أن الذي فاته من اللذة أضعاف أضعاف ما حصل.
11ـ الزاني يعرض نفسه لفوات الاستمتاع بالحور العين في المساكن الطيبة في جنات عدن.
12ـ الزنا يجرئ على قطيعة الرحم وعقوق الوالدين، وكسب الحرام، وظلم الخلق، وإضاعة الأهل والعيال وربما قاد إلى سفك الدم الحرام، وربما استعان عليه بالسحر والشرك وهو يدري أو لا يدري؛ فهذه المعصية لا تتم إلا بأنواع من المعاصي قبلها ومعها، ويتولد عنها أنواع أخرى من المعاصي بعدها؛ فهي محفوفة بجند من المعاصي قبلها وجند من المعاصي بعدها، وهي أجلب شيء لشر الدنيا والآخرة، وأمنع شيء لخير الدنيا والآخرة.
13ـ الزنا يذهب بكرامة الفتاة ويكسوها عاراً لا يقف عندها، بل يتعداها إلى أسرتها؛ حيث تدخل العار على أهلها، وزوجها، وأقاربها، وتنكس به رؤوسهم بين الخلائق.
14ـ أن العار الذي يلحق من قذف بالزنا أعلق من العار الذي ينجر إلى من رمي بالكفر وأبقى؛ إلا إن التوبة من الكفر على صدق القاذف تذهب رجسه شرعاً، وتغسل عاره عادة، ولا تبقي له في قلوب الناس حطة تنزل به عن رتبة أمثاله ممن ولدوا في الإسلام، بخلاف الزنا؛ فإن التوبة من ارتكاب فاحشته ـ وإن طهرت صاحبها تطهيراً، ورفعت عنه المؤاخذة بها في الآخرة ـ يبقى لها أثر في النفوس، ينقص بقدره عن منزلة أمثاله ممن ثبت لهم العفاف من أول نشأتهم.
وانظر إلى المرأة ينسب إليها الزنا كيف يتجنب الأزواج نكاحها وإن ظهرت توبتها؛ مراعاة للوصمة التي أُلصقت بعرضها سالفاً، ويرغبون أن ينكحوا المشركة إذا أسلمت رغبتهم في نكاح الناشئة في الإسلام.
15ـ إذا حملت المرأة من الزنا، فقتلت ولدها جمعت بين الزنا والقتل، وإذا حملته على الزوج أدخلت على أهلها وأهله أجنبياً ليس منهم، فورثهم ورآهم وخلا بهم، وانتسب إليهم وهو ليس منهم إلى غير ذلك من مفاسد زناها.
16ـ أن الزنا جناية على الولد؛ فإن الزاني يبذر نطفته على وجه يجعل النسمة المخلقة منها مقطوعة عن النسب إلى الآباء، والنسب معدود من الروابط الداعية إلى التعاون والتعاضد؛ فكان الزنا سبباً لوجود الولد عارياً من العواطف التي تربطه بأدنى قربى يأخذون بساعده إذا زلت به فعله، ويتقوى به اعتصابهم عند الحاجة إليه.
كذلك فيه جناية عليه، وتعريض به؛ لأنه يعيش وضيعاً في الأمة، مدحوراً من كل جانب؛ فإن الناس يستخفون بولد الزنا، وتنكره طبائعهم، ولا يرون له من الهيئة الاجتماعية اعتباراً؛ فما ذنب هذا المسكين؟ وأي قلب يحتمل أن يتسبب في هذا المصير؟!
17ـ زنا الرجل فيه إفساد المرأة المصونة وتعريضها للفساد والتلف.
18ـ الزنا يهيج العداوات، ويزكي نار الانتقام بين أهل المرأة وبين الزاني، ذلك أن الغيرة التي طبع عليها الإنسان على محارمه تملأ صدره عند مزاحمته على موطوئته، فيكون ذلك مظنة لوقوع المقاتلات وانتشار المحاربات؛ لما يجلبه هتك الحرمة للزوج وذوي القرابة من العار والفضيحة الكبرى، ولو بلغ الرجل أن امرأته أو إحدى محارمه قتلت كان أسهل عليه من أن يبلغه أنها زنت.
قال سعد بن عبادة ـ ـ "لو رأيت رجلاً مع امرأتي لضربته بالسيف غير مصفح". فبلغ ذلك رسول الله فقال: { أتعجبون من غيرة سعد! والله لأنا أغير منه، والله أغير مني؛ ومن أجل غيرة الله حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن } [أخرجه البخاري ومسلم].
19ـ للزنا أثر على محارم الزاني، فشعور محارمه بتعاطيه هذه الفاحشة يسقط جانباً من مهابتهن ـ كما مر ـ ويسهل عليهن بذل أعراضهن ـ إن لم يكن ثوب عفافهن منسوجاً من تربية دينية صادقة.
بخلاف من ينكر الزنا ويتجنبه، ولا يرضاه لغيره؛ فإن هذه السيرة تكسبه مهابة في قلوب محارمه، وتساعده على أن يكون بيته طاهراً عفيفاً.
20ـ للزنا أضرار جسيمة على الصحة يصعب علاجها والسيطرة عليها، بل ربما أودت بحياة الزاني، كالإيدز، والهربس، والزهري، والسيلان، ونحوها.
21ـ الزنا سبب لدمار الأمة؛ فقد جرت سنة الله في خلقه أنه عند ظهور الزنا يغضب الله ـ عز وجل ـ ويشتد غضبه، فلا بد أن يؤثر غضبه في الأرض عقوبة.
قال ابأضرار الزنا
إن للزنا أضرار كثيرة فمنها:
1 - ضياع النسل والجناية عليه، فالزاني والزانية لو أدركا ما قد يترتب على جريمتهما التي تنقضي على الفور، لو أدركا ما يترتب عليها من الآثام والزور وغضب الله لهان عليهما أن يفنيا من الوجود ولا يرتكبا تلك الجريمة الشنعاء.
2 - يتسبب الزنا في إختلاط الأنساب وإفساد الأخلاق ويفضي إلى فناء الأمة ويدعو إلى الشقاق والفساد ويسبب إنتشار الأمراض المستعصية التي لم تكن موجودة من قبل كما ورد ذلك عن النبي في قوله: { لم تظهر الفاحشة في قوم حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا } [رواه ابن ماجة] وصدق رسول الله فقد إنتشر في هذا الزمن بسبب كثرة الزنا الأمراض الكثيرة الخطيرة، عقوبة من الله تعالى لأهل هذه الفاحشة.
3 - الزنا يعمي القلب ويطمس نوره، ويحقّر النفس ويقمعها ويسقط كرامة الإنسان عند الله وعند خلقه، ويمحق بركة العمر، ويضعف في القلب تعظيم الله وخشيته.
أدلة تحريم الزنا
قال تعالى: وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً [الإسراء:32].
وقال تعالى: وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً [الفرقان:69،68].
وقال : { لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن } [متفق عليه].
وقال : { لا يحل دم إمرىء مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث وذكر منها الثيب الزان } [متفق عليه]. وقال عليه الصلاة والسلام: { ما من ذنب بعد الشرك أعظم عند الله من نطفة وضعها رجل في رحم لا يحل له }.
عقوبة الزنا
عقوبة جماعية: فإنه لا يقتصر ضرر الزنا على الزناة فقط بل يتعدى إلى غيرهم، فينزل غضب الله على قوم كثر فيهم الزنا، ويكثر فيهم الموت أيضاً، فعن ابن عباس أن رسول الله قال: { إذا ظهر الزنا والربا في قوم فقد أحلوا بأنفسهم عذاب الله } [رواه الحاكم وقال صحيح الإسناد]. لذا فيجب على جميع المسلمين محاربة الزنا والإبتعاد عن أسبابه كالتبرج والسفور والاختلاط والغناء والمجلات الماجنة والأفلام والمسلسلات الهابطة الداعية إلى كل فاحشة ورذيلة.
عقوبة فردية: وهي إقامة الحد على الزاني والزانية إذا كانا محصنين وذلك بقتلهما رجماً بالحجارة حتى يموتا لكي يجدا الألم في جميع أجزاء الجسم كما تلذذا بجسديهما قال : { الولد للفراش والعار للحجر }، وإن كانا غير محصنين جلدا مائة جلدة بأعلى أنواع الجلد ردعاً لهما عن المعاودة للاستمتاع بالحرام، إضافة إلى فضحهما بين الناس والتشهير بهم.
وإذا أفلت الزناة من عقوبة الدنيا ولم يتوبوا فلهم في الآخرة عذاب أليم فقد روى البخاري أن رسول الله قال: { أتاني الليلة آتيان وإنهما إبتعثاني وإنهما قالا لي: إنطلق.. فانطلقنا إلى ثقب مثل التنور أعلاه ضيق وأسفله واسع يتوقد تحته نار، فإذا إقترب إرتفعوا حتى كاد أن يخرجوا فإذا خمدت رجعوا فيها، وفيها رجال ونساء عراة فقلت من هؤلاء؟ قالا لي: هؤلاء هم الزناة والزواني }، وجاء في الحديث أيضاً: { أن من زنى بإمرأة كان عليه وعليهما في القبر نصف عذاب هذه الأمة }.. وهذا فقط عذاب القبر أما في الآخرة فإن عذابهم شديداً فهم يعذبون بوادي أثاما وهو وادي من أدوية جهنم الكبرى نعوذ بالله منه.
قال تعالى: وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً [الفرقان:69،68].
فالزاني يشارك المشرك والقاتل نفس العذاب والعياذ بالله ! فهل يليق بعاقل بعد ذلك أن يعرض نفسه لمثل هذا العذاب من أجل شهوة عابرة تذهب لذتها سريعاً ويبقى عذابها طويلاً؟!
فيا من خان الأعراض وتعدى عليها وابتغى الفساد في الأرض إن الغيرة من شيم الرجال ومن أخلاق النبلاء ومن شعب الإيمان ومن مقتضيات إياك نعبد وإياك نستعين فأين الغيرة ممن يتعدى على أعراض الناس،... كم أفسدت بين إمرأة وزوجها وكم جعلت بنتاً حبيسه الجدران في بيتها بعد أن ذبحت عفتها وضيعت شرفها وشرف أهلها وأساءت إلى سمعتها وسمعة أهلها أينك من الغيرة على محارم الله وأنت تنتهكها؟ وأينك من الغيرة على محارمك فالذي يتعدى على محارم الناس لا يغار على محارمه، لأنهن قد يبتلين بمن يتعدى عليهن عُقوبة لك، وكما قيل: ( كما تدين تدان ).ن مسعود رضي الله عنه: ( ما ظهر الربا والزنا في قرية إلا أذن الله بإهلاكها ).
إني أسالك بالله، هل ترضى الزنا لأمك؟ أو أن يتحدث معها أحد ويداعب مشاعرها؟ فإن كنت ترضاه فأنت والعياذ بالله ديوث، وما أضنك ترضاه، وإن كنت لا ترضاه لأمك فإن الناس كذلك لا يرضونه لأمهاتهم، وإن كنت لا ترضاه لأختك أو إبنتك أو عمتك أو خالتك فالناس كذلك لا يرضونه لأخواتهم وبناتهم أو عماتهم أو خالاتهم؛ فهل عرضك حرام على الناس وأعراض الناس حلال لك أما ترحم أمك أو أخواتك أن يُصبن بمثل ما أصبت من محارم الناس، أما ترحم إبنتك أو زوجتك أن يفعل بها مثل ما فعلت أنت ببنات الناس.
يا قاطعاً سبل الرجال وهاتكاً *** سُبل المودة عشت غير مكرم
من يزني في قوم بألفي درهم *** في أهله يزنى بغير الدرهم
إن الزنا دين إذا إستقرضته *** كان الوفاء من أهل بيتك فاعلم
لو كنت حراً من سلالة ماجد *** ما كنت هتاكاً لحرمة مسلم
وأنت أيتها المرأة يا من هتكت عرضك وعرض زوجك وأهلك بالزنا ومرغتيه في الوحل ونزلت به إلى الحضيض، وأفسدت حياتك وحياة أهلك وأسأت إلى سمعتك وسمعتهم من أجل شهوة عابرة أو عرضاً زائلاً من الدنيا، أما تخافين الله كيف طاوعتك نفسك على فعل هذه الفاحشة النكراء! أين ذهب حياءك؟ أين ذهب عقلك؟ هل فكرت بعذاب الله؟ هل فكرت بعاقبة ذلك في الدنيا والآخرة؟ هل فكرت في الفضيحة في الدنيا قبل الآخرة؟ هل فكرت في موقف أهلك وزوجك وأولادك وفضيحتهم بين الناس لو إنكشف أمرك؟ هل فكرت بالعار الذي سيلحق بهم؟ هل فكرت ماذا سيكون لهم بعد ذلك وكيف سيواجهون الناس وقد سودت وجوههم بجريمتك هذه؟ إن موتك أو قتلك أهون عليهم بكثير من وقوعك بمثل هذه الفاحشة فاتقي الله وتوبي إليه وابتعدي عن هذا العمل المخزي قبل أن يفتضح أمرك أو أن تموتي وأنت مصرة على هذه الفاحشة القبيحة.
وأخيراً..
اعلموا يا من إبتليتم بالزنا رجالاً ونساءً أن الله يراكم، فاحذروا أن تجعلوه أهون الناظرين إليكم وأحقر المطلعين عليكم وتجعلون هذه الشهوة الحيوانية وهذه اللذة الفانية تنسيكم عظمة مولاكم وإطلاعه عليكم، إنكم لا تستطيعون أن تفعلوا هذه الفاحشة القبيحة أمام أي إنسان حتى ولو كان طفلاً صغيراً ولكنكم مع الأسف الشديد ترتكبونها أمام العلي الكبير جبار السموات والأرض، فأين تعظيم الله في قلوبكم؟ أين صدق الإيمان؟ أين الاستجابة للرحمن؟ أما استشعرتم عظمة الجبار؟ أما تخافون غضب القهار؟
وهل نسيتم الموت وسكراته والقبر والسراط وزلته والحساب وشدته هل نسيتم النار وما فيها من العذاب إن أمامكم أهوال عظيمة لا يعلم عظمها إلا الله لا طاقة لكم فيها ولن تتحملوها، فلا تجعلوا هذه الشهوة الفانية تنسيكم كل هذه الأهوال التي أمامكم وتنسيكم عظمة ربكم وتنسيكم مصيركم ومآلكم، ووالله إنكم لأضعف من أن تتحملوا شيئاً من عذاب الله فلا تتمادوا في معصيته، ووالله إن شهوات الدنيا كلها لا تساوي ضمة من ضمات القبر فكيف بما بعده من العذاب، ولا خير والله في شهوة بعدها النار والدمار فتوبوا إلى الله قبل أن لا تستطيعوا أن تتوبوا وقبل أن تندموا في وقت لا ينفع فيه الندم.
وفقنا الله وإياكم لما يحب ويرضي وجعلنا جميعاً ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه
أعرف جهنم وخد قرارك :-
الرقاشي عن أنس بن مالك قال: جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم في ساعةٍ ما كان يأتيه فيها متغيّر اللون، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (( مالي أراك متغير اللون )) فقال: يا محمد جئتُكَ في الساعة التي أمر الله بمنافخ النار أن تنفخ فيها، ولا ينبغي لمن يعلم أن جهنم حق، و أن النار حق، وأن عذاب القبر حق، وأن عذاب الله أكبر أنْ تقرّ عينه حتى يأمنها.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((يا جبريل صِف لي جهنم ))
قال: نعم، إن الله تعالى لمّا خلق جهنم أوقد عليها ألف سنة فاحْمَرّت، ثم أوقد عليها ألف سنة فابْيَضّت، ثم أوقد عليها ألف سنة فاسْوَدّت، فهي سوداء مُظلمة لا ينطفئ لهبها ولا جمرها .
والذي بعثك بالحق، لو أن خُرْم إبرة فُتِحَ منها لاحترق أهل الدنيا عن آخرهم من حرّها..
والذي بعثك بالحق، لو أن ثوباً من أثواب أهل النار عَلِقَ بين السماء و الأرض، لمات جميع أهل الأرض من نَتَنِهَا و حرّها عن آخرهم لما يجدون من حرها ..
والذي بعثك بالحق نبياً ، لو أن ذراعاً من السلسلة التي ذكرها الله تعالى في كتابه وُضِع على جبلٍ لَذابَ حتى يبلُغ الأرض السابعة ..
والذي بعثك بالحق نبياً ، لو أنّ رجلاً بالمغرب يُعَذّب لاحترق الذي بالمشرق من شدة عذابها ..
حرّها شديد ، و قعرها بعيد ، و حليها حديد ، و شرابها الحميم و الصديد ، و ثيابها مقطعات النيران ، لها سبعة أبواب، لكل باب منهم جزءٌ مقسومٌ من الرجال والنساء