اسم السلسلة: آداب النوم
من آداب النوم - التوبة من جميع الذنوب
وهي طهارة الباطن التي أشرنا إليها في شرح الحديث رقم (6) أعلاه. فيستحب للمسلم أن يحاسب نفسه قبل النوم عما بدر منه من أعمال خلال نهاره، وأن يبادر إلى التوبة عن أي سيئات يكون قد ارتكبها. وقد جاء في موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين ( ص: 78 ): " أن ينام ( المرء ) تائبا من كل ذنب سليم القلب لجميع المسلمين لا يحدث نفسه بظلم أحد ولا يعزم على معصية إن استيقظ ". ويؤكد ذلك الحديث التالي:
(14) عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رضي الله عنه، قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَطْلُعُ عَلَيْكُمُ اْلآنَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ. فَطَلَعَ رَجُلٌ مِنَ اْلأَنْصَارِ، تَنْطِفُ لِحْيَتُهُ مِنْ وُضُوئِهِ، قَدْ تَعَلَّقَ نَعْلَيْهِ فِي يَدِهِ الشِّمَالِ. فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ، قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَ ذَلِكَ، فَطَلَعَ ذَلِكَ الرَّجُلُ مِثْلَ الْمَرَّةِ اْلأُولَى. فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الثَّالِثُ، قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَ مَقَالَتِهِ أَيْضًا، فَطَلَعَ ذَلِكَ الرَّجُلُ عَلَى مِثْلِ حَالِهِ اْلأُولَى. فَلَمَّا قَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، تَبِعَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، فَقَالَ: إِنِّي لاَحَيْتُ أَبِي، فَأَقْسَمْتُ أَنْ لاَ أَدْخُلَ عَلَيْهِ ثَلاَثًا، فَإِنْ رَأَيْتَ أَنْ تُؤْوِيَنِي إِلَيْكَ حَتَّى تَمْضِيَ فَعَلْتَ. قَالَ: نَعَمْ. قَالَ أَنَسٌ: وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يُحَدِّثُ أَنَّهُ بَاتَ مَعَهُ تِلْكَ اللَّيَالِيَ الثَّلاَثَ، فَلَمْ يَرَهُ يَقُومُ مِنَ اللَّيْلِ شَيْئًا. غَيْرَ أَنَّهُ إِذَا تَعَارَّ وَتَقَلَّبَ عَلَى فِرَاشِهِ، ذَكَرَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَكَبَّرَ حَتَّى يَقُومَ لِصَلاَةِ الْفَجْرِ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: غَيْرَ أَنِّي لَمْ أَسْمَعْهُ يَقُولُ إِلاَ خَيْرًا. فَلَمَّا مَضَتِ الثَّلاَثُ لَيَالٍ، وَكِدْتُ أَنْ أَحْتَقِرَ عَمَلَهُ، قُلْتُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ! إِنِّي لَمْ يَكُنْ بَيْنِي وَبَيْنَ أَبِي غَضَبٌ وَلاَ هَجْرٌ ثَمَّ، وَلَكِنْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ لَكَ ثَلاَثَ مِرَارٍ: يَطْلُعُ عَلَيْكُمُ اْلآنَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَطَلَعْتَ أَنْتَ الثَّلاَثَ مِرَارٍ، فَأَرَدْتُ أَنْ آوِيَ إِلَيْكَ ِلأَنْظُرَ مَا عَمَلُكَ فَأَقْتَدِيَ بِهِ، فَلَمْ أَرَكَ تَعْمَلُ كَثِيرَ عَمَلٍ. فَمَا الَّذِي بَلَغَ بِكَ مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَقَالَ: مَا هُوَ إِلاَ مَا رَأَيْتَ. قَالَ: فَلَمَّا وَلَّيْتُ، دَعَانِي، فَقَالَ: مَا هُوَ إِلاَ مَا رَأَيْتَ، غَيْرَ أَنِّي لاَ أَجِدُ فِي نَفْسِي ِلأَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ غِشًّا، وَلاَ أَحْسُدُ أَحَدًا عَلَى خَيْرٍ أَعْطَاهُ اللَّهُ إِيَّاهُ. فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: هَذِهِ الَّتِي بَلَغَتْ بِكَ، وَهِيَ الَّتِي لاَ نُطِيقُ.